الورقة الضائعة سببٌ في الثروة الحديثية الضخمة للشيخ الألباني رحمه الله .
الثلاثاء مارس 16, 2010 1:52 pm
قصة الورقة الضائعة
محمد ناصر الدين الألباني
محمد ناصر الدين الألباني
يقول الشيخ العلامة الألباني رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه ( فهرس مخطوطات المكتبة الظاهرية ) :
( ولم يكن ليخطر ببالي ، وضع مثل هذا الفهرس ، لأنه
ليس من اختصاصي ، وليس عندي متسع من الوقت ليساعدني عليه ، ولكن الله
تبارك وتعالى إذا أراد شيئاً هيّأ أسبابه ، فقد ابتليت بمرض خفيف أصاب
بصري ، منذ أكثر من اثني عشر عاماً ، فنصحني الطبيب المختص بالراحة وترك
القراءة والكتابة والعمل في المهنة ( تصليح الساعات ) مقدار ستة أشهر .
فعملت بنصيحته أول الأمر ، فتركت ذلك كله نحو
أسبوعين ، ثم أخذت نفسي تراودني ، وتزين لي أن أعمل شيئاً في هذه العطلة
المملة ، عملاً لا ينافي بزعمي نصيحته ، فتذكرت رسالة مخطوطة في المكتبة،
اسمها (ذم الملاهي)
للحافظ ابن أبي الدنيا ، لم تطبع فيما أعلم يومئذ ، فقلت : ما المانع من
أن أكلف من ينسخها لي ؟ وحتى يتم نسخها ، ويأتي وقت مقابلتها بالأصل ،
يكون قد مضى زمن لا بأس به من الراحة ، فبإمكاني يومئذ مقابلتها ، وهي لا
تستدعي جهداً ينافي الوضع الصحي الذي أنا فيه ، ثم أحققها بعد ذلك على مهل
، وأخرج أحاديثها ، ثم نطبعها ، وكل ذلك على فترات لكي لا أشق على نفسي !
فلما وصل الناسخ إلى منتصف الرسالة ، أبلغني أن فيها نقصاً ، فأمرته بأن
يتابع نسخها حتى ينتهي منها ، ثم قابلتها معه على الأصل ، فتأكدت من النقص
الذي أشار إليه ، وأقدره بأربع صفحات في ورقة واحدة في منتصف الكراس ،
فأخذت أفكر فيها ، وكيف يمكنني العثور عليها ؟ .
والرسالة محفوظة في مجلد من المجلدات الموضوعة في
المكتبة تحت عنوان ( مجاميع ) ، وفي كل مجلد منها على الغالب عديد من
الرسائل والكتب ، مختلفة الخطوط والمواضيع ، والورق لوناً وقياساً ، فقلت
في نفسي ، لعل الورقة الضائعة قد خاطها المجلد سهواً في مجلد آخر ، من هذه
المجلدات ! ، فرأيتني مندفعاً بكل رغبة ونشاط باحثاً عنها فيها ، على
التسلسل .
ونسيت أو تناسيت نفسي ، والوضع الصحي الذي أنا فيه ! .
فإذا ما تذكرته ، لم أعدم ما أتعلل به ، من مثل القول بأن هذا البحث لا ينافيه ، لأنه لا يصحبه كتابة ولا قراءة مضنية !.
وما كدت أتجاوز بعض المجلدات ، حتى أخذ يسترعي
انتباهي عناوين بعض الرسائل والمؤلفات ، لمحدثين مشهورين ، وحفاظ معروفين
، فأقف عندها ، باحثاً لها ، دارساً إياها ، فأتمنى لو أنها تنسخ وتحقق ،
ثم تطبع ، ولكني كنت أجدها في غالب الأحيان ناقصة الأطراف والأجزاء ، فأجد
الثاني دون الأول مثلاً ، فلم أندفع لتسجيلها عندي ، وتابعت البحث عن
الورقة الضائعة ، ولكن عبثاً حتى انتهت مجلدات ( المجاميع ) البالغ عددها ( 152) مجلداً
، بيد أني وجدتني في أثناء المتابعة أخذت أسجل في مسودتي عناوين بعض الكتب
التي راقتني ، وشجعني على ذلك ، أنني عثرت في أثناء البحث فيها على بعض
النواقص التي كانت من قبل من الصوارف عن التسجيل .
ولما لم أعثر على الورقة في المجلدات المذكورة ،
قلت في نفسي : لعلها خيطت خطأ في مجلد من مجلدات الحديث ، والمسجلة في
المكتبة تحت عنوان (حديث) !.
فأخذت أقلبها مجلداً مجلداً ، حتى انتهيت منها دون أن أقف عليها ، لكني سجلت عندي ما شاء الله من المؤلفات والرسائل .
وهكذا لم أزل أعلل النفس وأمنيها بالحصول على
الورقة ، فأنتقل في البحث عنها بين مجلدات المكتبة ورسائلها من علم إلى
آخر ؛ حتى أتيت على جميع المخطوطات المحفوظة في المكتبة ، والبالغ عددها
نحو عشرة آلاف (10000) مخطوط ، دون أن أحظها بها ! .( قلت : لعلها أحظى
بها ) .
ولكني لم أيأس بعد ، فهناك ما يعرف بـ (الدست) ،
وهو عبارة عن مكدسات من الأوراق والكراريس المتنوعة التي لا يعرف أصلها ،
فأخذت في البحث فيها بدقة وعناية ، ولكن دون جدوى .
وحينئذ يأست من الورقة ، ولكني نظرت فوجدت أن الله
تبارك وتعالى قد فتح لي من ورائها باباً عظيماً من العلم ، طالما كنت
غافلاً عنه كغيري ، وهو أن في المكتبة الظاهرية كنوزاً من الكتب والرسائل
في مختلف العلوم النافعة التي خلفها لنا أجدادنا رحمهم الله تعالى ، وفيها
من نوادر المخطوطات التي قد لا توجد في غيرها من المكتبات العالمية ، مما
لم يطبع بعد .
فلما تبين لي ذلك واستحكم في قلبي ، استأنفت دراسة مخطوطات المكتبة كلها من أولها إلى آخرها ، للمرة الثانية ،
على ضوء تجربتي السابقة التي سجلت فيها ما انتقيت فقط من الكتب ، فأخذت
أسجل الآن كل ما يتعلق بعلم الحديث منها مما يفيدني في تخصصي ؛ لا أترك
شاردة ولا واردة ، إلا سجلته ، حتى ولو كانت ورقة واحدة ، ومن كتاب أو جزء
مجهول الهوية ! .
وكأن الله تبارك وتعالى كان يعدّني بذلك كله
للمرحلة الثالثة والأخيرة ، وهي دراسة هذه الكتب ، دراسة دقيقة ، واستخراج
ما فيها من الحديث النبوي مع دراسة أسانيده وطرقه ، وغير ذلك من الفوائد .
فإني كنت أثناء المرحلة الثانية ، ألتقط نتفاً من
هذه الفوائد التي أعثر عليها عفواً ، فما كدت أنتهي منها حتى تشبعت بضرورة
دراستها كتاباً كتاباً ، وجزءاً جزءاً .
ولذلك فقد شمرت عن ساعد الجد ، واستأنفت الدراسة للمرة
الثالثة ، لا أدع صحيفة إلا تصفحتها ، ولا ورقة شاردة إلا قرأتها ،
واستخرجت منها ما أعثر عليه من فائدة علمية ، وحديث نبوي شريف ، فتجمع عندي بها نحو أربعين مجلداً ،
في كل مجلد نحو أربعمائة ورقة، في كل ورقة حديث واحد ، معزواً إلى جميع
المصادر التي وجدتها فيها ، مع أسانيده وطرقه ، ورتبت الأحاديث فيها على
حروف المعجم ، ومن هذه المجلدات أغذي كل مؤلفاتي ومشاريعي العلمية ، الأمر
الذي يساعدني على التحقيق العلمي ، الذي لا يتيسر لأكثر أهل العلم ، لا
سيما في هذا الزمان الذي قنعوا فيه بالرجوع إلى بعض المختصرات في علم
الحديث وغيره من المطبوعات ! .
فهذه الثروة الحديثية الضخمة التي توفرت عندي ؛ ما كنت لأحصل عليها لو لم ييسر الله لي هذه الدراسة بحثاً عن الورقة الضائعة ! .
فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ) .
رد: الورقة الضائعة سببٌ في الثروة الحديثية الضخمة للشيخ الألباني رحمه الله .
الثلاثاء مارس 16, 2010 5:20 pm
بارك الله فيك اختي حفيدة عائشة وجعلنا واولادنا من الصالحين
رد: الورقة الضائعة سببٌ في الثروة الحديثية الضخمة للشيخ الألباني رحمه الله .
الثلاثاء مارس 16, 2010 5:47 pm
ماشاء الله لاقوة الا بالله الله يطعمنا تذوق هذه الكتب
رد: الورقة الضائعة سببٌ في الثروة الحديثية الضخمة للشيخ الألباني رحمه الله .
الخميس مارس 18, 2010 12:40 pm
جزاك الله عنا كل خير واثابك الجنة لا تحرمينا من مواضيعك القيمة للمنتدى
- الألباني يدعوا السلفيين إلى هجر من انحرف عن الجادة ...ويتأسف لندارته ...الله أكبر ..
- مكتبة الشعراوي رحمه الله
- موقع الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
- ذكاء الامام الشافعي - رحمه الله
- اللهم بلغنا رمضان وأنت راض عنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده ل
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى